شهر رمضان احكام وسنن (الجزء الأول)

 

شهر رمضان احكام وسنن (الجزء الاول)

صيام  شهر رمضان 

حكم  صيام الشهر المبارك 

واجب علي كل مسلم بالغ عاقل صحيح مقيم ،وهو ركن من اركان الإسلام دل علي وجوبه الكتاب والسنه واجماع الامة .

من الكتاب قال تعالي "

 ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

من السنة

"بني الإسلام علي خمس 
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً"

وقد ذكرنا في مقال سابق فضل رمضان والعمل فيه

شروط صحة الصوم

-الطهارة من الحيض

-النية 

قال النووي لا يصح الصوم الا بنية ومحلها القلب ويجب تبيت النية لكل يوم من الصيام لان كل يوم عبادة منفصلة.
ركن الصيام  

الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الي المغرب.

سنن الصوم وآدابه

-السحور

عن انس بن مالك (رضى الله عنه) قال :قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):" تسحروا فان في السحور بركة" .

وعن عمرو بن العاص(رضى الله عنه ) قال :قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم): "فصل ما بين صيامنا وصيام اهل الكتاب اكلة السحور "

ويتحقق السحور ولو بجرعة ماء. عن عبد الله بن عمرو  (رضى الله عنه) ان رسول الله(صلى الله عليه وسلم ) قال :"تسحروا ولو بجرعة ماء ".

وقال: "نعم السحور سحور المؤمن  التمر ".

-تأخير السحور

اذا سمع الاذان، وفي يده طعام او شراب فله ان يتم اكلته  او شربته. لحديث  ابى هريرة رضى الله عنه  قال: رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : اذا سمع احدكم النداء والاناء علي يده فلا يضعه حتي يقضي حاجته منه"

-تعجيل الإفطار

عن سهل بن سعد ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)قال: "ما يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر"

-ان يفطر علي الرطب او التمر ان تيسر ،او الماء عن انس كان رسول الله يفطر علي رطبات قبل ان يصلي فان لم تكن رطبات فعلي تمرات فان لم تكن حسا حسوات من ماء .

دعاء الصائم عند فطره

عن بن عمر قال :كان رسول الله اذا افطر قال: "ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الاجر ان شاء الله".

-الجود وقراءة القران وقد ذكرنا فضل قراءة القران في موضوع سابق.

_الترفع عما يحبط ثواب الصوم من المعاصي الظاهرة والباطنة ،فيجب ان يكف جميع جوارحه عن جميع الشهوات والمحرمات.

عن ابى هريرة ان رسول الله قال:" اذا كان صوم يوم احدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل، فان شاتمه احد او قاتله فليقل انى صائم"

_ان يقول اذا شتم انى صائم .

مبطلات الصوم المفطرات

يبطل الصوم بانتفاء شرط من شروطه قال تعالى ( فالان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم  وكلو واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم اتموا الصيام الى الليل).

وقد اجمع العلماء على انه يجب على الصائم الإمساك طيلة وقت الصوم ،عن الطعام والشراب والجماع .

المبطلات قسمان 

_ما يبطل الصيام ويوجب القضاء 

أولا: الاكل والشرب عمدا ذاكرا لصومه .

فان اكل او شرب ناسيا يتم صومه، فلا قضاء عليه لحديث ابى هريرة ان النبي قال: من نسي وهو صائم فاكل او شرب فليتم صومه فإنما اطعمه الله وسقاه.

اذا اكل او شرب او جامع ظانا غروب الشمس او عدم طلوع الفجر فظهر خلافه .

لأهل العلم مذهبان 

الأول: ان عليه القضاء وهو مذهب جمهور العلماء منهم الائمه الأربعة.

الثاني : انه لا قضاء عليه ،وهو مذهب إسحاق ورواية عن احمد وداود وابن حزم وعزاء الى جمهور السلف .

لقوله تعالى (ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم).

_تعمد الاكل او الشرب يوجب القضاء .

لعدم وجود نص يوجب الكفارة الا فى الجماع .

_تعمد القيء

فان غلبه القيء فلا قضاء ولا كفاره لحديث ابى هريرة ان النبي قال من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمدا فليقض ).

_الحيض والنفساء 

من حاضت او نفست فسد صومها وعليها قضاء الأيام التي افطرتها .

_تعمد الاستمناء 

يفسد الصوم ويجب القضاء.

اما اذا لم يتعمد النظر او الفكر فانزل لم يفسد صومه .

_  نية الإفطار 

فان نوى افساد صومه بطل صومه حتى ان لم يأكل او يشرب(لان لكل امرئ ما نوى).

_الردة عن الإسلام 

من ارتد عن الإسلام فسد صومه وعليه القضاء ان رجع.

ما يبطل الصيام وعليه القضاء والكفارة

وهو الجماع .

عن ابي هريرة رضي الله عنه قال :بينما نحن جلوس عند النبي اذ جاءه رجل فقال : يا رسول الله هلكت , قال مالك , وقعت علي امراتي وانا صائم فقال رسول الله: هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال :لا  ،فهل تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا، فهل تجد اطعام ستين مسكينا ؟ . قال لا، فسكت النبى فبينما نحن على ذلك اتى النبى بعرق فيها تمر قال اين السائل فقال انا قال خذها فتصدق به .

فقال الرجل: على افقر منى يا رسول الله  فوالله، ما بين لابتيها( يريد الحرتين) اهل بيت افقر من اهل بيتي فضحك النبي حتى بدت انيابه ثم قال اطعمه اهلك .

وعلى ذلك اجمع العلماء على ان جماع الصائم في نهار رمضان عامدا مختارا مفطر يوجب القضاء والكفارة  .

قولت أبو مالك مستند الجمهور فى ايجاب القضاء على المجامع في رمضان هو زيادة وردت في بعض طرق هذا الحديث وهى ان النبي قال في اخره:" وصم يوما مكانه".  وهى زياده ضعيفة لا تثبت، ولذا ذهب ابن حزم الى ان عليه الكفارة دون القضاء .

هل تجب الكفارة على المرأة كالرجل ؟

فى حديث ابى هريرة المتقدم ان النبي امر الرجل بالكفارة وسكت عن المرأة ولهذا كان الاختلاف هل عليها كفارة ام لا وفى ذلك اقوال 

احدهما ليس على المرأة كفارة مطلقا  ، وهو مذهب الشافعي وقول احمد انه يجزيهما كفارة واحدة وانها على الرجل دونها للاتي:

١ _ان النبي لم يأمر المرأة بكفارة مع انه جامعها واشتركت معه بالفعل، فدل على انه لو رأى عليها كفارة لألزمها بها ولم يسكت عنها .

٢-وانه حق مال اختص بالجماع فاختص بالرجل كالمهر .

الثاني : ان على المرأة كفارة كالرجل وهو قول ابى حنيفة ومالك وقول الشافعي واحمد على اختلاف تفاصيل لهم في الحرة والامه والمكرهة والمطاوعة، قالوا:

١-لانها هتكت صوم رمضان بالجماع فوجبت عليها الكفارة كالرجل .

٢-واما عدم امر النبي للمرأة بالكفارة فهذا حكاية حال لا عموم لها وقد يمكن ان تكون المرأة، مفطرة بعذر من مرض او سفر او تكون مكرهة او ناسيه.

٣- لان المرأة لم تستفت النبي كما استفتاه الرجل واعتراف الزوج عليها لا يوجب عليها حكما مالم تعترف .

٤- ويحتمل ان يكون سكوته عن المرأة ، ما عرف من حال زوجها من عدم قدرتها على شيء .

الثالث ان يجزيهما كفارة واحدة الا ان كانت الكفارة بالصيام فعليهما  وهذا  مذهب الأوزاعي 

. والأرجح مذهب الجمهور وقول الشافعي ليس ببعيد.

تنبيه المرأة اذا كانت مكرهة او ناسيه او جاهلة فلا قضاء عليها ولا كفارة على الاصح، وكذلك الرجل ان كان ناسيا او جاهلا  وهذا مذهب ابى حنيفة والشافعي  واحمد .

هل تجب الكفارة على الترتيب ؟

ذهب الجمهور   الى وجوب الترتيب في الكفارة  فلا ينتقل الى الشهرين المتتابعين الا اذا عجز عن العتق، ولا يطعم ستين مسكينا الا بعد العجز عن الصيام وذلك بناء على حديث ابى هريرة.

وذهب مالك الى التخيير بينهم لما في رواية مسلم لهذا الحديث عن ابى هريرة ان رجلا افطر فى رمضان فأمره النبي ان يكفر بعتق رقبه او صيام شهرين متتابعين او اطعام ستين مسكينا .

قالو رواية البخاري للحديث لا يلزم منها الترتيب، فمثل هذا السؤال يستعمل للتخيير فيحمل على ان ذكره العتق، اولا لكونه اقرب الى انجاز الكفارة وحمل بعضهم الترتيب على انه اولويه والتخيير على الجواز.

واما الجمهور فسلكوا مسلك الترجيح فرجحوا رواية الترتيب على رواية التخيير بان الذين رووا الحديث على الترتيب اكثر مع اتحاد المخرج، وبان راوي الحديث تصرف في اللفظ، وبان الترتيب احوط لان الاخذ به مجزئ على القولين والله اعلم.

هل تتكرر الكفارة بتكرر الجماع ؟

١ _من جامع في نهار رمضان ثم كفر ثم وطئ في يوم اخر فعليه كفارة أخرى اجماعا.

٢ _من جامع فى يوم واحد مرارا فليس عليه الا كفارة واحدة اجماعا .

٣ _من جامع في نهار رمضان، ولم يكفر ثم جامع فى يوم اخر ففيه قولان :

الأول : ان عليه لكل يوم كفارة لان كل يوم عبادة منفصلة فاذا وجبت الكفارة بإفساده لم تتداخل  وهو قول مالك والشافعي .

والثاني : عليه كفارة واحدة مالم يكفر عن الجماع الأول وهو قول ابى حنيفة والأوزاعي والزهري قياسا على الحد والأول ارجح والله اعلم .

وللأحكام والسنن بقيه نكلمها في مقال اخر 

 

_ المصدر كتاب صحيح فقه السنة الجزء الثاني